ذكرى إحتفال الشرقية بعيدها القومى فى ٩ سبتمبر


محمود الوروارى

تحتفل محافظة الشرقية بعيدها القومي فى التاسع من سبتمر كل عام وذلك تخليدا لذكري وقوف إبنها البار الزعيم أحمد عرابي أمام الخديوي توفيق بساحة قصر عابدين فى التاسع من سبتمبر عام ١٨٨١م لعرض مطالب الأمة.

ولد الزعيم أحمد الحسيني عرابي فى الأول من أبريل عام ١٨٤١ بقرية هرية رزنة التابعة لمركز الزقازيق بمحافظة الشرقية،وإلتحق بالجيش وترقي حتي عين ناظرا للجهادية في ١٨٨٢،وبعد هزيمة الجيش بسبب الخيانة في التل الكبير تم نفيه إلي جزيرة سرنديب (سيلان) أو سريلانكا حاليا،حيث قضى هناك ١٩عاما،حتى عاد من المنفى عام ١٩٠٣،وقد أحضر عرابي شجرة المانجو إلى مصر لأول مرة،وإنتقل إلي رحمة الله في ٢١ سبتمبر ١٩١١ .

لقد أثار الإستبداد الأجنبي واستعباد مصر ماليا إستياء مختلف طوائف الشعب،وزادت مشاعر السخط بين الجميع حتي وصلت لضباط الجيش الذين شعروا بالتفرقة بينهم وبين الضباط الأتراك وقصر الرتب العليا علي الأتراك،وكان عثمان رفقي وزير الحربية في وزارة رياض رجلا جركسيا يضطهد الضباط المصريين،ونتيجة لكل ذلك فقد إختار هؤلاء الضباط أحد زملائهم ويدعي أحمد عرابى يتحدث باسمهم عارضا طلباتهم.

بدأ دورالجيش في الحركة الوطنية فيما يعرف بالثورة العرابية نسبة إلي الزعيم عرابي،ودارت الإجتماعات السرية بينهم وبين الفلاحين،وفي ١٦ يناير سمع الضباط عن مؤامرة ضدهم بهدف إبعادهم عن أماكنهم،فقرروا إختيار عرابي لكي ينوب عنهم في رفع مطالبهم للخديوي،وذهب عرابي وعبدالعال حلمي وعلي فهمي لمقابلة رياض باشا وقدموا له عريضة تضمنت مطالبهم وهي عزل عثمان رفقي وزير الجهادية(الحربية)،وتعين غيره من المصريين،وزيادة عدد الجيش إلي ١٨ ألف جندي،وتحقيق المساواة بين رجال الجيش وإصلاح نظام الترقية،وحاول رياض إقناع الضباط بسحب العريضة،وقرر الخديوي إعتقال الضباط الثلاثة،وتم إستدعائهم لمقر وزارة الجهادية بقصر النيل،وما أن دخلوا ديوان الوزارة حتي صدرت الأوامر بإلقاء القبض عليهم في فبراير ١٨٨١،لمحاكمتهم أمام مجلس عسكري،وعندما شاع خبر القبض علي هؤلاء الضباط زحف البكباشي محمد عبيد بجنوده وهاجموا ديوان الوزارة وأخرجوا الضباط من السجن بالقوة وتوجهوا إلى قصر عابدين للمطالبة بعزل عثمان رفقي،ولم يسع الخديوي سوي الإستجابة لمطالبهم،وتم تعيين محمود سامي البارودي ناظرا للجهادية.

من هذا الحادث ذاع صيت عرابي في أرجاء البلاد،واتصل به الكثير من العلماء والأعيان والتجار،وما أن لبث الخديوي حتي أقال البارودي وزير الجهادية وعين داود يكن،والذي نكل بالوطنين وتعقبهم ومراقبتهم،ولم يجد عرابي أمامه سوي إسقاط الوزارة التي ترفض الحياة النيابية ،ولعل قرار الخديوي بإبعاد الفرقتان التي يقودهما عرابي وعبدالعال حلمي خارج القاهرة لتشتيت شمل الجيش.

سارع عرابي بالإتصال بالوطنين لإقامة مظاهرة سلمية لتقديم عريضة الخديوي بشأن عزل وزارة رياض باشا وتشكيل مجلس النواب،وتحرك عرابي وسط جنوده وآلاف الوطنين ثم تقدم عرابي للخديوي بطلبات الشعب والجيش في ١٨٨١/٩/٩ والتي تمثلت في إقالة وزارة رياض وإقامة حياة نيابية وزيادة عدد الجيش إلي ١٨ ألف جندي والتصديق علي القوانين العسكرية ،فرد الخديوي بقوله” كل هذه الطلبات لا حق لكم فيها وقد ورثت البلاد عن آبائي وأجدادي وما أنتم إلا عبيد إحساناتنا،فقال عرابى”لقد خلقنا الله أحرارا ولم يخلقنا تراثا أو عقارا فوالله الذي لا إله هو إننا سوف لا نورث ولا نستعبد بعد هذا اليوم،وأكد عرابي أن الجيش لن يبرح المكان حتي تتحقق إرادة الأمة.
ولم يجد الخديوي سوي الإستجابة لمطالب الشعب فأقال وزارة رياض وأحال المطالب الخاصة بزيادة عدد الجيش والحياة النيابية إلي الأستانة وعهد إلي شريف باشا بتشكيل الوزارة وإجريت الإنتخابات في أكتوبر ١٨٨١ .

وهنا يستوقفنا عدة دروس تتمثل فى إحساس الوطنيين بأهمية دورهم وضرورة التصدى للإستبداد حتى ولو على حساب أنفسهم،وأنه لن يضيع حق وراءه مطالب،وأحقيتهم فى عيش حياة كريمة بدلا من التبعية للإحتلال الاجنبي،وقوة العزيمة والثقة لدى عرابى ورفاقة،ووحدة الصف التي تعد من عوامل النصر.

وبهذه المناسبة نتقدم بأجمل التهانى القلبية لشعب الشرقية الكريم بمناسبة العيد القومى للمحافظة
سائلين الله أن يحفظ مصر وأهلها من كل مكروه وسوء.

التعليقات معطلة.